جمهورية مصر العربية تشيد أكبر مركز ثقافي بالمملكة المغربية
جمهورية مصر العربية تشيد أكبر مركز ثقافي بالمملكة المغربية
الوطن العربى اليومية - الرباط
فى حوار مع جريدة الصباح المغربية ، أكد أحمد إيهاب جمال الدين ، سفير جمهورية مصر العربية بالرباط عزمه العمل من أجل توطيد العلاقات المغربية المصرية في كافة المجالات. وقال جمال الدين إن الارتباط بالمغرب قائم بقوة لدى المصريين ، إذ هناك محبة وتقدير للمغرب وأهله، انطلاقا من المواطن البسيط إلى أعلى هرم في المجتمع . وأوضح السفير أن مصر والمغرب تجمعهما أواصر علاقات متينة على المستوى السياسي، منوها بموقف جلالة الملك محمد السادس المبدئي والواضح الداعم لخيارات الشعب المصري. في ما يلي نص الحوار:
انطلق معرض" كنوز عنخ آمون" الثقافي، الثلاثاء الماضي، مدشنا سلسلة من الأنشطة الثقافية التي تكرس متانة العلاقات الثنائية بين المغرب بمصر، كيف تُقيمون العلاقات الثقافية بين البلدين؟
إنها علاقة ثرية وليست وليدة اليوم، بل تعود إلى فترة طويلة تضرب في عمق التاريخ، وتُمثل رصيدا تاريخيا غنيا وتواصلا إنسانيا فريدا من نوعه بين الشعبين المصري والمغربي. يُشكل مصر والمغرب أقدم حضارتين، وحصل تواصل بين البلدين، منذ القدم، وقد انتشر الإسلام بالمغرب العربي انطلاقا من مصر، ومنه إلى منطقة غرب افريقيا والأندلس. والمغرب يشكل نقطة الارتكاز بالنسبة إلى الغرب الإفريقي، كما مصر بالنسبة إلى الشرق الإفريقي.
نحن نسعى إلى توطيد علاقاتنا ببعض انطلاقا من هذا الإرث المشترك بين البلدين، والذي أسهم فيه بشكل قوي جلالة الملك المغفور له محمد الخامس، ثم من بعده الملك الراحل الحسن الثاني، وهو ما يتواصل الآن في ظل قيادة جلالة الملك محمد السادس. هذا الارتباط الثقافي مع مصر منذ فترة ما قبل الاستقلال هو مما نعتز به، وللإشارة، فإن الارتباط بالمغرب قائم بالقوة نفسها لدى المصريين، إذ هناك محبة وتقدير للمغرب وأهله، انطلاقا من المواطن البسيط إلى أعلى هرم في المجتمع. وبالتالي، فإن مهمتي سفيرا لمصر، أن نوطد بناء هذه العلاقة، ونعمل على إعادة اكتشاف الزخم الكبير في العلاقات بيننا، ونقدمها في صورة جديدة للشباب بوسائل التكنولوجيات الجديدة، لأن هذا التراث متجذر في مجتمعاتنا وشعوبنا، فأنت حينما تزور مصر، فتجد العديد من مظاهر التأثير الثقافي المغربي في مصر، خاصة في ما يتصل بفترة الفاطميين وظاهرة أولياء الله الصالحين، وأضرحتهم المنتشرة في ربوع مصر، من الشيخ القناعي والشاذلي في الصعيد، والسيد البدوي وأبو العباس المرسي في الدلتا، ووقف المغاربة، ووجود العديد من القبائل المغربية الموجودة في أماكن في القاهرة، كلها تؤشر على تواصل إنساني كبير.
وبالمناسبة، فإن الأديب المصري جمال الغيطاني، الذي شارك في ندوة بالرباط نظمت، أخيرا، بالمكتبة الوطنية بحضور الوزير والأديب والمثقف أحمد التوفيق، تحدث عن الجذور التاريخية للعلاقات القائمة بين مصر والمغرب، وتطرق الغيطاني إلى القوافل التي كانت تتوجه من المغرب نحو مصر ويتذكر كيف أن هذه القوافل كانت تضع أسماء المدن التي تنطلق منها من المغرب.
تاريخيا، معروف أن أعدادا كبيرة من المغاربة كانوا يؤدون فريضة الحج، وفي طريق عودتهم، كانوا يستقرون في بعض المدن المصرية مثل الإسكندرية، ومن ثم، فإن العديد من العائلات المقيمة بمصر يعود أصلها إلى المغرب، ويقال إن عددا من القيادات الدينية أصولها مغربية، مثل شيخ الأزهر والمفتي، فهذا أمر إيجابي.
من جهة أخرى، حدث مرة أن كشفت لسفير بلد من أمريكا اللاتينية عن رغبتي في الخروج من الرباط للتنزه، فنصحني بالتوجه نحو منطقة مولاي بوسلهام، هناك قمت بمشاهدة الطيور المهاجرة ومناظر طبيعية أخرى مثل البحيرات. وفي لحظة ما سألني المُرشد السياحي، عما إذا كنت أعرف أصل مولاي بوسلهام، فأخبرني بأن أصله من مصر، فقلت له إنك أكدت لي بما لا يدع مجالا للشك أن حبل التواصل القديم موجود في الاتجاهين. الأمر لا ينحصر فقط في الروابط الشعبية، بل بين المؤسسات، وعلى مستوى مختلف المجالات الثقافية والفنية.
إن التحدي الذي يجمعنا في الوقت الحالي، هو ترسيخ هذا التواصل في الاتجاهين، وهو ما أسعى إليه صحبة سفير المغرب بالقاهرة، سعد العلمي، والهدف هو أن نعرف الشعب المصري بخصوصيات المغرب ومميزاته الحضارية والثقافية، وإبراز تنوعه الطبيعي والثقافي وتعدديته الثقافية واللغوية وإرثه الإسلامي والأندلسي.
نحن في مصر في حاجة إلى التعرف على هذه الخصوصيات، الناس في مصر لا يعرفون مثلا، أن المغرب يوفر إمكانية ممارسة التزحلق على الجليد في المحطتين الأساسيتين، ميشليفن وأوكايمدن. هذا لم يسمع به أحد في مصر.
نسعى إلى تعريف المجتمع المصري بثراء المغرب الإنساني والسياحي، هدفنا أن يتمكن الشعبان المصري والمغربي من التعرف أكثر على بعضهما البعض، واكتشاف عمق الروابط التي تجمعهما بشكل جديد. ونحن نشجع على التبادل الإنساني بين البلدين، ولذلك، اتفقت مع محمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة على تنظيم أسبوع ثقافي مصري في المغرب نهاية هذا العام، وأسبوع ثقافي مغربي في مصر خلال السنة المقبلة (2015)، وتم توجيه الدعوة للسيد الصبيحي لزيارة مصر، ونحن نمهد حاليا للعديد من بروتوكولات التعاون، تهم كل ما يتعلق بالثقافة والنشر والآداب، والمتاحف، هذ ا هو هاجسنا، أي دعم الروابط الثقافية بين البلدين والدفع بها نحو الأمام بما يكرس عمق العلاقات التاريخية المتجذرة القائمة بين البلدين والشعبين.
ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أؤكد عزم مصر بناء أكبر مركز ثقافي في منطقة شمال افريقيا وغربها في المغرب، إلى جانب بناء مؤسسة ثقافية مصرية مغربية تعنى بالتراث الحضاري والثقافي للبلدين.
هل يمكن أن تفصلوا أكثر في معرض "كنوز عنخ آمون" الذي يقام حاليا بالمغرب؟
بالنسبة إلى هذا المعرض، فهو لبنة أولى في مسلسل اللبنات التي نتوخى وضعها لتمتين العلاقة الثقافية بين مصر والمغرب، انطلق برواق الباب الكبير بالأوداية بالرباط، وأشرف على افتتاحه معالي وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي، ويتوقع أن يستمر إلى غاية 10 يونيو.
وسيطوف تسع مدن مغربية، من بينها الدار البيضاء وطنجة وتطوان وشفشاون وفاس ومكناس ومراكش، ويضم أزيد من أربعين قطعة أثرية، تؤشر إلى العديد من العقائد الدينية والجنائزية الملكية والعديد من مظاهر الحياة في مصر القديمة، إضافة إلى متعلقات شخصية لهذا الملك (عنخ آمون) الذي يعد أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة.
إلى جانب هذه التظاهرة، فإن المركز الثقافي المصري سينظم بالتعاون مع المركز السينمائي المغربي الأسبوع الثقافي لسينما الأفلام التسجيلية لرواد السينما المصرية، خلال الفترة الممتدة ما بين 19 إلى 25 يونيو، بالرباط ، يتضمن عروضا سينمائية لأشهر المخرجين، وموائد مستديرة يشارك فيها نقاد ومحبي الفن السابع من البلدين. وأشير كذلك إلى الزيارة المرتقبة لفرقة الموسيقى العربية التابعة لدار الأوبرا المصرية للمغرب في نهاية الشهر الجاري لإحياء حفلات موسيقية في بعض المدن المغربية ومنها أساسا الرباط وبني ملال.
ما رأيكم في حجم التبادل الثقافي والسياحي بين البلدين؟
نسعى إلى الارتقاء بالتبادل الثقافي والسياحي في الاتجاهين. نشتغل على تذليل العقبات المرتبطة بالتأشيرات في أفق تسهيل شروط الحصول عليها، من أجل تحفيز وتشجيع تنقل الأشخاص بين مصر والمغرب، والأمور في تطور، وسنعمل جاهدين على منح دفعة قوية للتبادل الثقافي بين البلدين.
كيف تقيمون العلاقات السياسية بين المغرب ومصر؟
من المؤكد أن مصر والمغرب تجمعهما أواصر علاقات متينة على المستوى السياسي، إذ هناك تناغم في مواقف البلدين تجاه العديد من القضايا الاستراتيجية والسياسية، ولابد من التنويه هنا بموقف جلالة الملك محمد السادس المبدئي والواضح الداعم لخيارات الشعب المصري، مصر لن تنسى الذين وقفوا معها، حينما كانت في حاجة إلى هذا الدعم، وجلالة الملك كان من أوائل من عبروا عن دعمهم لمصر بعد ثورة 30 يونيو. أملنا أن نعمل على توطيد هذه العلاقات القائمة بين مصر والمغرب، ونضخ فيها كل مرة دماء جديدة، فهي علاقات تاريخية، وهناك دعم متبادل بين البلدين، وهو ما ينبغي استثماره لما يخدم مصلحتها ومصلحة الشعبين.
المغرب مدخل لمصر في غرب إفريقيا
كيف تقيمون العلاقات الاقتصادية؟
التحدي الكبير القائم هو ضرورة الارتقاء بالعلاقات التجارية والاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية والشعبية. هناك لجنة عليا مشتركة مصرية- مغربية، تجتمع بانتظام، وتعكس إرادة البلدين في الدفع بعلاقاتهما الاقتصادية نحو الأمام.
طموحنا أن تشهد هذه العلاقات قفزة كبرى. هناك حاجة إلى استثمار مؤهلات البلدين في كافة المجالات والقطاعات الاقتصادية بما يخدم مصلحتيهما. المغرب حقق طفرة كبيرة خلال السنوات العشر الماضية على مستوى تقدم وتطور القطاع الخاص، والبنيات التحتية الأساسية، إلى مستوى أصبح مركز جذب للتجارة العالمية. ويمكن أن يشكل مدخلا لمصر في غرب افريقيا، كما مصر بالنسبة إلى المغرب في ما يتعلق ببوابة شرق إفريقيا ودول الخليج. هدفنا استثمار إمكانياتنا وطاقاتنا في القطاعات الواعدة التي فيها تكامل بين البلدين للاستفادة أكثر من نتائج اتفاقية التبادل الحر الموقعة بين الطرفين (اتفاقية أكادير)، ورفع حجم الاستثمارات بين البلدين، هناك قطاعات واعدة في هذا المجال، خاصة في المجال السياحي تحديدا، وغيرها من المجالات. ينبغي، في هذا الإطار، توسيع مجال استثمار الشركات المصرية في المغرب والعكس، ومصر تعتبر سوقا واعدة بفعل تعداد سكانها البالغين 90 مليون نسمة. نفكر في معرض دائم للمنتوجات المصرية في المغرب والمغربية في مصر.
هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code:


