الدكتور عادل عامر ، يكتب : حالة حقوق الإنسان في مصر عام 2013
الدكتور عادل عامر، يكتب : حالة حقوق الإنسان في مصر عام 2013
الوطن العربى اليومية - القاهرة
ان السنة الأولى من حكم الدكتور محمد مرسى شملت 3462 معتقل سياسي، وهو ما اعتبرته تقديرات الحقوقيون أن هذه الأعداد تفوق الأعداد في عهد غيره من الرؤساء.إن بعض مظاهر الانتهاكات في عهد مرسي، منها حادث مقتل خمسة من الشيعة، والذي وصفه بأنه جريمة مكتملة الأركان.إن أحداث العنف والقتل والتعذيب التي ارتكبتها جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها خلال شهر يوليو، والتي ترتبت على دعوات صريحة بالتحريض على ممارسة العنف من قبل قيادات الإخوان والجماعا.الإسلامية والتي تنذر بحدوث حرب أهلية. أن حالة حقوق الإنسان في مصر شهدت خلال عام 2013 طفرة شديدة في وصول خطاب وأدبيات حقوق الإنسان للمواطن البسيط. ، أن عام 2013 يعد الأفضل من ناحية حقوق الإنسان منذ ثورة 25 يناير، إلا أنه الأسوأ من حيث الحملات الخاصة بتشويه منظمات المجتمع المدني، التي زادت حدتها في النصف الثاني من هذا العام،. أن نشطاء حقوق الإنسان اعتادوا على مواجهة حملات تشويه منظمات المجتمع المدني، وإن كانت تمثل قيدا رئيسيا على أداء المنظمات. ورغم أن المنظمات غير الحكومية خطت لنفسها مكانا فى إدارة موارد المياه فى حوض النيل، عندما أسست منتدى حوض النيل بغرض إقامة حوار حقيقي على مستوى البني الاجتماعية لدعم مبادرة حوض النيل، فإنه يبدو أن الدور لا يزال محدودا فى فعاليته وتأثيره. لقد طرحت المنظمات غير الحكومية، أو بالتعبير الأكثر شمولا المجتمع المدني، نفسها كتعبير عن صوت المجتمعات غير الممثلة فى مبادرة حوض النيل التي تقتصر على الحكومات دون غيرها، إلا أن هذا الصوت بدا واهنا ومنقادا لأجندة الجهات الممولة له التي تحكمت فى أولوياته، وفرضت نموذجا تنمويا على منظمات كان يفترض بها التعبير عن المجتمعات الفقيرة فى حوض النيل. غير أن الأمر لا ينحصر عند الحديث عن دور المنظمات غير الحكومية فى قضايا المياه على الفاعلين فى منتدى حوض النيل، إذ إن الخريطة تتسع لمنظمات أخرى مارست تأثيرا فى السياسات المائية لحوض النيل، عبر أنشطة حقوقية وتنموية، لعل أبرز ملامحها الاشتباك مع قضايا السدود التي أثارت جدلا كبيرا. وثمّة مشكلة أكبر تتمثّل في الاختلافات الشديدة في النفوذ والشعبية بين الناشطين الليبراليين والأحزاب السياسية العلمانية من جهة، وبين الجيش والشرطة من جهة أخرى. لقد بدأت القوى الأمنية تستخدم أساليب الإكراه المخيفة ضد منتقديها الليبراليين الأعلى صوتاً، فتلطّخ سمعتهم في الصحافة، وتداهم مكاتبهم، وتعتقلهم اعتباطياً. يُعَدّ السيسي الزعيم الأكثر شعبية على الإطلاق في مصر في الوقت الحالي، وتلقى المؤسسة العسكرية تأييداً واسعاً في أوساط الرأي العام، ولذلك فإن أي محاولة لتحدّي هذه السياسات عبر العمل على استقطاب الشارع لن تحظى على الأرجح حظوظاً كبيرة بالنجاح. أما في مايتعلق بالطموحات السياسية للفريق أول السيسي، وحتى لو لم يترشّح للرئاسة، فإن تأثيره الهائل سيمنحه دوراً كبيراً جداً في أي حكومة ترى النور في المستقبل في مص إن سقوط الإخوان كان بمثابة نتيجة منطقية بسبب طبيعة تكوينهم السياسي والتنظيمي والأيديولوجي. وذلك على عكس ما يروج له الإخوان من حديث عن المظلومية الأبدية التي تلحق بهم. إضافةً إلى محاولة تصوير سقوطهم كنتيجة لمؤامرة فلولية وانقلاب عسكري أطاح بهم وليس الإرادة الشعبية. كما الكثير من الترهات التي تروج لها وسائل الإعلام الأمريكية.
حركة الإخوان عبارة عن طائفة دينية واجتماعية مغلقة تتبنى تصورات هوياتية سلطوية حول الجماعة كراعية وحافظة للهوية الإسلامية القارة والثابتة للمجتمع والتي تحتاج إلى التنزيل السلطوي عبر جهاز الدولة المركزية الحديثة لتضمن أداء دورها على أمثل وجه. كما أن الحركة تتبنى سياسات اقتصادية واجتماعية يمينية محافظة. ولذلك لا يمكن الإشارة لهم كقوة تغيير بأي معنى من المعاني. ذلك وعلى الرغم من تحالفهم مراراً مع العديد من القوى الثورية عبر مراحل الثورة المختلفة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أثناء انتفاضة الـ18 يوماً التي أدت إلى تنحي مبارك وأثناء المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2012. إلا أن حركة الإخوان ظلت دائماً بعيدة عن كل آفاق التغيير الديمقراطي السياسي والاقتصادي، كما شرحناه أعلاه. وتجلى هذا عبر عدة محطات مهمة من ضمنها: الدستور السلطوي العسكري، والسياسات والتشريعات التي أعدتها حكومة الرئيس مرسي ومجلس الشورى الإخوانى. تلك السياسات والتشريعات المراد منها تقييد حرية التظاهر والجمعيات الأهلية والإعلام وتداول المعلومات والنقابات العمالية وملاحقة الناشطين السياسيين قضائياً وأمنياً. إضافة إلى محاولة وضع أنصار الحركة والأتباع داخل مواقع السلطة التنفيذية والإدارية والقضائية. أضف إلى كل ذلك مسألة توزيع ”الغنائم“ وهو ركن أساسي في منهج عمل أي طائفة سياسية واجتماعية. كما الاستمرار في سياسات رأسمالية المحاسيب والاقتراض والريع دون أدنى اكتراث بقضايا الإصلاح الاقتصادي. ناهيك عن التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية. وأخيراً، ممارسات التحريض الطائفي والمذهبي، والعنف ضد الخصوم السياسيين، والتي أوجدت حالة من الصراع والاقتتال السياسي والاستقطاب المستمر. هناك ملفان رئيسيان على جدول الأحداث في المرحلة القادمة في مصر. الأول هو ملف مستقبل الإسلاميين والثاني هو ملف المسار السياسي الجديد، أو ما أسميه بالمسار الثاني للثورة المضادة في مصر. أما فيما يتعلق بمستقبل الإسلاميين: نستطيع أن نقول –بقدر من اليقينية- إن انتفاضة 30 يونيو، وهي أضخم حشد جماهيري في تاريخ مصر وأضخم حشد جماهيري في تاريخ العالم الإسلامي ضد الإسلام السياسي، قد أعلنت نهاية مشروع الإسلام السياسي. والمقصود بنهاية مشروع الإسلام السياسي نهاية مشروع تأسيس الدولة الإسلامية بالمعنى الذي شرحناه سابقاً، لأنه قد ثبت وجود مقاومة مجتمعية شديدة لهذا المشروع مما يجعل تحقيقه غير ممكن. وبغض النظر عن الطريق لتحقيق هذا المشروع، سواء كان ذلك عن طريق القوة أو عبر صندوق الانتخابات وإلا تكررت قصة محمد مرسي وسقوطه مرة أخرى.
لكن هذا لا يعني زوال الإسلاميين بأي حال من الأحوال. فالتيار الإسلامي سيبقى ممثلا لكتلة شعبية معتبرة في المجتمع المصري، كتلة لها تنظيمها الانتخابي القوي ولها حضورها السياسي والاجتماعي. ومن الممكن الحديث عن ثلاثة سيناريوهات مستقبلية محتملة فيما يخص مستقبل الإسلاميين بعد سقوط مرسي. والسيناريوهات الثلاثة تقوم على قناعة أن عودة مرسي للرئاسة صارت ضرباً من الخيال وقادة جماعة الإخوان (وبعيداً عن كل تحريضهم العلني على التظاهر والاحتجاج للضغط من أجل عودة مرسي على طريقة هوجو تشافيز في 2002) فهم وقبل غيرهم يعرفون أن عودة مرسي هي في حكم المستحيلات فهذا خيار انتحاري بالنسبة لقادة الجيش. والكتلة الاحتجاجية المطالبة بعودة مرسي ترتكز فقط على التيار الإسلامي وبالتالي فهي كتلة عاجزة عن فرض إرادة التغيير عبر معادلات الاحتجاج ناهيك عن تناقص حجم هذه الكتلة مع الوقت يأساً و قنوطاً. وأخيراً فحتى لو فرضنا جدلا أن المستحيل قد تحقق وعاد مرسي فببساطة سيتكرر مشهد 30 يونيو المليوني الاحتجاجي ضده مرة أخرى و بشكل أكثر خطورة. وقد انتهى أي دور لها.. بفعل غباء قياداتها الذين قضوا على جماعتهم وأفرادهم بعد أن تخيّلوا أن السلطة أصبحت فى أيديهم أبدًا.. ولم يتعلّموا مما جرى مع مبارك.. وأنهم لم يدركوا أنه قد حدث تغيير فى الشعب الذي لن يترك أبدًا الاستبداد يتحكّم فيه مرة أخرى.. حتى ولو حاولوا المتاجرة بالدين... وما يحدث من الجماعة من مظاهرات هنا أو هناك ورعاية عمليات إرهابية هو أمر طبيعي، لمن يعتبر أن السلطة «التي ذاقوها» قد أخذت منهم.. فأصابهم ذلك بالجنون.. ولكن سينتهي فى النهاية هذا الجنون... وها هو الدستور الجديد الذي يجرى الحشد له بهمة ويمكن به الانتقال إلى مرحلة جديدة.. فهل فكّر أحد من الذين يديرون البلاد عن رؤى لمرحلة ما بعد الدستور، خصوصًا أن مواد الحريات تمنع كثيرًا من تصرفات وزارة الداخلية فى الانتهاكات التي تمارس فى حق البعض.
==========
* كاتب المقال : دكتور
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code: