يوم الجمعة.. فضائل وآداب وأعمال مستحبة - كتب : محمود ضاحي
يوم الجمعة.. فضائل وآداب وأعمال مستحبة - كتب : محمود ضاحي
يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة:9،11].
يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين
شرع الله للمسلمين يوم الجمعة ليكون عيدًا أسبوعيًّا، ومؤتمرًا دوريًّا ربانيًّا، يلتقي فيه الناس على طاعة الله، على كلمة التقوى، على ذكر الله عزَّ وجلَّ، ولأنه يوم عيد للمسلمين، كُره فيه الصيام، فلا ينبغي الصيام في يوم العيد، فهو أشبه بالعيد السنوي.
فضل يوم الجمعة
يوم الجمعة عيد أسبوعيٌّ، ولهذا جمَّله الله بهذه الصلاة الأسبوعية، صلاة الجمعة فرضها الله في هذا اليوم، وجعلها بدل صلاة الظهر، فرضها فرضًا، فإذا نُودي إليها لم يَسَع مسلمًا أن يتخلَّف عنها، فرضها على الرجال دون النساء، وعلى المقيمين دون المسافرين، وعلى الأصحَّاء دون المرضى، ولكن إذا صلَّى المسافر الجمعة، أو صلَّت المرأة الجمعة، فلا حرج عليها، وقد كان النساء يذهبن إلى مسجد النبيَّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة، وفي الصلوات الخمس.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9]، ينبغي أن تتعطَّل أعمال الدنيا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة، يَدَع البائع بيعه، ويَدَع المشتري شرائه، ويَدَع المستأجر إجارته، ويَدَع العامل عمله، يَدَعُون هؤلاء أعمالهم، ويذهبون إلى صلاة الجمعة، إلى ذكر الله عزَّ وجلَّ، إلى هذه الجماعة التي أوجبها الله تعالى في كلِّ أسبوع.
الإسلام دين الجماعة
الإسلام دين الجماعة، وليس دينًا فرديًّا، لا يحب للمسلم أن يعيش وحده، "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشدُّ بعضه بعضًا و"يد الله على الجماعة ومن هنا حثَّ الإسلام على صلاة الجماعة كلَّ يوم خمس مرات.
واجب صلاة الجمعة في كلِّ أسبوع فهو تجمُّع مفروض، يخرج المسلم من بيته، أو من متجره، أو من أيِّ مكان هو فيه، إذا سمع النداء، ليجيب نداء الله، ويؤدِّي فرض الله، ويلتقي مع أخيه على طاعة الله، {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9].
خطبة الجمعة لذكر الله
إنه سعي إلى ذكر الله؛ لأنَّ صلاة الجمعة عبادة لله، وخطبة الجمعة خطبة لذكر الله، فيخطب الخطيب في قضايا الناس، ويتحدَّث عن مشكلات الناس، ويجيب عن تساؤلات الناس، ولكن تظلُّ الخطبة لإقامة ذكر الله، يتخلَّلها ذكر الله، والتذكير بالله، وبأسماء الله، وبلقاء الله، وبحساب الله، وبدين الله، وبفرائض الله، وبحرمات الله، هي ذكر لله؛ ولذلك تبدأ بالحمد الله، وبالشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وبالحث على تقوى الله.
التخلُّف عن صلاة الجمعة
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9]، لا ينبغي لإنسان أن يظلَّ مشغولاً عن صلاة الجمعة، ولا ينبغي أن يكون ديدن المسلم كلَّ أسبوع أن يسافر ويتنزَّه ويرتحل ليضيع صلاة الجمعة على نفسه، وتمرُّ الأيام والأيام وهو لا يصلِّي الجمعة، لا يجوز أن يتخلَّف عن الجمعة بلا عذر ثلاث مرات، ففي الحديث: "مَن ترك ثلاث جمع تهاونا من غير عذر طبع الله على قلبه " طبع الله على قلبه، ختم على قلبه فلا تصل لهذا القلب أشعة، ولا أنوار التوحيد.
يصبح قلبًا مظلمًا مغلقًا مطبوعا عليه، {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية:23].
صلاة الجمعة فريضة أسبوعية، ينبغي أن يحرص عليها المسلمين، وأن يتجمَّع عليها، ولا يجوز لأحدِ أن يتخلَّف عنها.
العمل يوم الجمعة
الله سبحانه وتعالى أعفى هذه الأمُّة من ذلك، فيستطيع المسلم أن يعمل في أيِّ يوم من أيام الأسبوع، ليس في الإسلام تحريم للعمل الدنيوي في أيِّ وقت من الأوقات، يستطيع المسلم أن يعمل في يوم الجمعة، وأن يعمل في شهر رمضان، وأن يعمل في الأشهر الحرم.
فكلُّ ما هو مطلوب منه، إذا سمع النداء يوم الجمعة عليه أن يستجيب، وَيَدَع كلَّ ما في يديه، مهما كان وراء ذلك من مكاسب، ومهما كان وراء ذلك من صفقات، القرآن يقول: {وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9]، لقد وصف الله المؤمنين أنهم في صلاتهم اليومية لا يشغلهم بيع ولا تجارة، ولا عمل من أعمال الدنيا التي تشغل الناس عن حقِّ الله تعالى.
تكلَّم الله عن المساجد فقال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور:36،38]، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ولا ينبغي للمسلم أن يلهيه شيء عن هذه الصلاة، وهذا هو شأن المسلمين، يحرصون على هذا اليوم، وعلى هذه الصلاة، صلاة هذا العيد الأسبوعي.
ما يُستحبُّ في يوم الجمعة
يذهب إليها المسلم متطهِّرًا متوضأ، حسن المظهر، في أطيب ريح، من السنة أن يغتسل المسلم ليوم الجمعة، غسل يوم الجمعة سُنَّة، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه واجب، لأن هناك حديث يقول: "غسل الجمعة واجب على كلِّ محتلم.
يذهب المسلم لهذا اليوم مغتسلاً متطيِّبًا متعطِّرًا؛ حتى لا يُشمَّ منه إلا أطيب ريح، حتى إن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمر مَن كان كريه الرائحة ألا يأتي المسجد، كمَن أكل ثومًا أو بصلاً، حتى لا يُؤذيَ الناس، وقال: "مَن أكل ثومًا أو بصلاً فلا يقربنَّ مصلاَّنا، أو فليعتزل مسجدنا" فليذكر ذلك الذين يُؤذون الناس برائحة التدخين، لا يقربنَّ مصلاَّنا.
يذهب المسلم يوم الجمعة مغتسلاً متطهِّرًا متطيِّبًا متعطِّرًا، لابسًا أحسن ما عنده من ثياب، حتى يظهر بأحسن مظهر، يكون طيِّب المخبر وطيب المظهر، وكان للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثوبًا لصلاة الجمعة والعيد، وللقاء الوفود، أعدَّه ليلقى الناس بأحسن هيئة، فالله جميل يحبُّ الجمال([12]).
آداب وسنن يوم الجمعة
التبكير إلى الصلاة: ورد في الحث على التبكير والعناية به أحاديث كثيرة منها: أن رسول الله قال: { إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر، ومثل المُهِّجر (أي المبكر) كمثل الذي يهدي بدنه، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشاً، ثم دجاجة، ثم بيضة } فجعل التبكير إلى الصلاة مثل التقرب إلى الله بالأموال،
الإكثار من الصلاة على النبي قال عليه الصلاة والسلام: { إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خُلِق آدم، وفيه قُبض، وفيه النفَّخة، وفيه الصَّعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليَّ إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء.
الاغتسال يوم الجمعة: لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: {إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل}
التطيب، والتسوك، ولبس أحسن الثياب قال عليه الصلاة والسلام: {من اغتسل يوم الجمعة، واستاك ومسَّ من طيب إن كان عنده، ولبس أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد، فلم يتخط رقاب الناس حتى ركع ما شاء أن يركع، ثم أنصت إذا خرج الإمام فلم يتكلم حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها وقال غُسل يوم الجمعة على كل محتلم، وسواك، ويمسّ من الطيب ما قدر عليه.
يستحب قراءة سورة الكهف: لحديث الرسول : {من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين } ولا يشترط قراءتها في المسجد بل المبادرة إلى قراءتها ولو كان بالبيت أفضل.
وجوب الإنصات للخطبة والحرص على فهمها والاستفادة منها.
إذا انتهت الصلاة فلا يفوتك أن تصلي في المسجد أربع ركعات بعد الأذكار المشروعة، أو اثنتين في منزلك.
هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code: