الأخبار العربية و العالمية

عالم السياسة و الإقتصاد

شئون الأمن و الدفاع

الأراضى العربية المحتلة

الثقافة ، و الأدب العربى و العالمى

دنيا الفنون و الإعلام

المرأة و الطفل ، و الأسرة و المجتمع

الأزياء و الجمال - الديكور - المطبخ

صحتك بين يديك

دنيا الشباب و الرياضة

التاريخ و السياحة و الآثار

علوم و تكنولوجيا

شخصيات و حوارات

المواطن و الشارع العربى

التقارير المصورة

تقارير و دراسات و مؤتمرات

الدكتورة نهلة درويش ، تكتب : مواطن منتهِى الصلاحية..

الدكتورة نهلة درويش ، تكتب : مواطن منتهِى الصلاحية..


الوطن العربى اليومية - القاهرة ..

كنت اعتقد بتفاؤلي الساذج المعتاد.. أنني مواطن يكفل له حق العيش الكريم.. مواطن يعامل باحترام.. لا يهان كرامته حتى ولو مليجرام.. مواطن يتمتع بحصوله على حقه الكامل في الخدمات.. حقه في أن يحيى حياة اجتماعية مريحة خالية من الوجع والتعب والألم وكافة الآهات.. اعيش بسلاسة حالماً بأنني سوف اتعرض لأي غلاسة.. مواطن يريد الاستمتاع بكل الحقوق دون بذل أي مجهود..
ولذا كنت أحاول الاستمتاع بدنيا الكسل والراحة.. واتباع سياسة بذل أقل مجهود مع جني أكبر عائد.. ومع ذلك اطالب بتفاؤلي الساذج بكافة حقوقي كمواطن يعيش ضمن نظام دولة.. مفهوم العمل لدي عبارة عن فهلوة وتكبير للجمجمة.. أذهب لعملي غير مبالي.. كلما سألني أحد بطلب اقول أتركوني بحالي.. متضايق متأفف أنا من أحوال المعيشة ونكد ارتفاع الأسعار وعلو قيمة الفواتير وغيره وغيره من متطلبات الحياه.. وبسبب عدم مبالاتي، بسبب سوء حالتي النفسية في بعض الأيام، قدم ضدي العديد من الشكاوى.. والمواطن مسكين، يريد فقط تحقيق مطلبه، أو النظر في
شكواه ونصره على من ظلمه وعداه، بغض النظر عن كون شكوته حقيقية أم وهمية.. فهو يريد الشعور ببعض الرعاية والأهمية.. فلقد اعتدنا أنه لا يهدأ لنا بالاً ولا يسر لنا خاطر إلا إذا توجهنا بشكوانا إلى المسئول الأكبر.. وكأننا نتوجه إلى كبير العيلة ليحكم في خصوماتنا ويحل مشاكلنا وينصرنا على من عادانا..
كبير العائلة الذي فقد وتاه في هذا الزمن.. زمن العلاقات الاجتماعية الإلكترونية التي تطورت وانتشرت في زمن الحداثة ونظام العولمة، واختفى معه التفاعل التلقائي المباشر.. حالتنا المزاجية وأخبار حياتنا اليومية ومختلف المناسبات أصبحت تنشر على صفحات التواصل الاجتماعي.. نتشارك التهاني بالأعياد والأفراح.. وحتى واجب العزاء أصبحنا نقدمه على تلك الصفحات.. البعض منا يتعامل بكل تلقائية وشفافية مع الأصدقاء المضافين على الصفحة.. في حين انه يتعامل بكل الحذر والحيطة مع أصدقائه أو زملائه ممن يتفاعل معهم في أرض الواقع.. وحتى عندما يتقابل بعض الأقارب أو الأصدقاء في لقاء اجتماعي أو أسري فقد نجد رؤوس معظم الحاضرين متدليه تطالع أجهزة المحمول لمتابعة ما تم نشره على الواتس آب أوالفيس بوك وغيره برامج التواصل.. وهو ما قد يؤدي إلى انتهاء صلاحيتنا ككائنات اجتماعية تتفاعل تفاعل مباشر في أرض الواقع، بل وربما تكون قد أدت بالفعل إلى ضعف ترابطنا أسريا واجتماعياً..
ومع تزايد هوسنا بتلك الأجهزة يتزايد جنوننا وهوسنا بشراء الأحدث من موديلتها.. وندخل في دوامة الاستهلاك غير العقلاني، أو الاستهلاك غير المدروس.. حيث نجد البعض ممن ليس لديهم دخل يكفي لتغطية تكاليف شراء موبيل حديث، يلجاء لشراءه من خلال نظام التقسيط، على الرغم من أن قد يكون لديه جهاز جيد يلبي متطلباته.. ويبدوا أن نظام التقيسط لشراء مختلف السلع الاستهلاكية أصبح من الأنظمة المعتادة والمنتشرة بدرجة كبيرة بين الفئات المتوسطة والفئات البسيطة.. ومع علو الطموح للحصول على أحدث السلع الاستهلاكية تتزايد المصاريف والمديونيات على المواطن الذي فقد صلاحيته كمواطن عقلاني (قانع وراضي) يدير حياته تكيفياً مع ظروفه، مواطن ليس لديه الذكاء الكافي لينجو بنفسه من فخ الإغراءات السلعية الاستهلاكية..
ومع ذلك، فالمواطن مسكين، فهو واقع فريسة لما يتلقاه بواسائل الدعاية والإعلانات المختلفة "المستفزة بشدة".. فهذا المنتج سوف يمنحك السعادة، وهذا سوف يجلك تطير، وهذا سوف يمنحك قوة خارقة غير معهودة، وهذا سوف يمنحك الفرصة لكيد الأعداء، وهذا سوف يجعلك مميز وجميع من حولك ينظرون لك بنظرات حاسدة حاقدة.. وتستمر الإعلانات والمواد الدعائية، ولا يزال المواطن مسكين، يرغب في التبرع ببعض المال ويجد أمامه العشرات والعشرات من الجهات التي تعلن عن حاجتها للمال لاستكمال مشروعها، أو لمنحه لبعض الفئات المحتاجة.. وتزداد حيرة المواطن المسكين مع تعدد الجهات المعلنة وعدم وضوح البيانات وقلة المعلومات، المواطن منتهي الصلاحية مع كسله أحياناً ومع قله عدم معرفته لاستبيان الطريق الصحيح الذي يرغب في أن يشارك فيه لمساعدة غيره احيانا اخرى.. حيث نواجهه مشكلة ضبابية المعلومات الخاصة بالمشاريع المختلفة، ذلك لمن يرغب في تقديم المساعدة المجتمعية وفعل الخير.. وخاصة مع تزايد أعداد الفقراء والمحتاجين وكثرة المتسوليين.. ومع أدراك المواطن لحقيقة ان البعض يحصل على مساعدات عديدة من أهل الخير، في حين يوجد أشخاص لا تحصل على حد الكفاف..
ويبدوا أن ملف الفقراء والمحتاجين يحتاج إلى هيئة خاصة لتنظيم شئونه ورعاية قضاياه، هيئة تنظم توزيع الموارد على المحتاجين، وتشجع من لديه القدرة على العمل لإيجاد فرصة عمل يطور به من ذاته ومن نمط حياته.. وهنا ينقتح أمامنا ملف آخر، وهو ملف العمل والرغبة الحماسية في أداء العمل.. حيث نجد البعض من تلك الفئات تتكاسل وتتراجع عن القيام بأعمال معينة قد تشعرها بالمهانة وقلة القيمة.. فمفهوم الأعمال الخدمية لدينا مفهوم مشوة غير حضاري.. أو أنها قد تتكاسل عن القيام بأي عمل نظراً لما تحصل عليه من مساعدات من أهل الخير.. "فلماذا تعمل؟" وهي تحصل على الدعم والمساعدات من جهات خيرية.. وحديثي هنا على من هو قادر على العمل الذي يستغل الحصول على المساعدات من جهات عدة مختصة بأعمال الخير.
ولكن للأسف فقد نجد أن هناك البعض من المواطنين اصيبوا بإنتهاء الصلاحية في حب فعل الخير وتقديم المساعدة للغير.. ليس فقط مساعدة الغير (من الناحية المادية أو المعنوية أو الخدمية).. بل مساعدة أنفسنا بتطوير ذواتنا والبيئة المحيطة بنا.. فالكثير منا يتكاسل بتنمية ذاته بالقراءة والمطالعة التي تمنحنا بعض الانفتاح العقلي والسلاسة الفكرية.. وأيضاً الكثير منا يتكاسل وسيتكبر على نفسه فعل أي شيء من أجل المساعدة في تنظيف وتجميل البيئة المحيطة.. ونظل نشكو ونشكو من تراكم القمامة ومن ما تسببه لنا من منظر سيء غير حضاري ومن ضرر صحي وتلوث بيئي.. وبالرغم من ذلك لا نشارك في حل المشكلة، بل نزيد من تفاقمها من خلال عدم اهتمامنا بمراعاة عدم إلقاء مخلفات القمامة بالطرقات العامة وعلي أشرطة السكك الحديدة وعلي جانبي الترع والمصارف.. الخ.. وحتى النيل الذي لا يقدر بثمن لاعتباره المصدر الرئيسي للمياه، لا نبذل الجهد الكافي للحفاظ عليه من التلوث.. وكأننا قد انتهت صلاحيتنا كمواطنين قابلين للعيش في بيئة نظيفة.. ثم نظل بعد ذلك نشكو من تلوث المواد الغذائية وما يسببه من مشاكل صحية للمواطن..
وهنا فعلاً يكون المواطن أكثر من مسكين، شخص غلبان مغلوب على أمره عندما نقتح ملف الرعاية الصحية الجيدة التي يجب توفيرها للمواطنين.. وخاصة الفئات المتوسطة والفقيرة منهم.. اتذكر أنه من بضعة أسابيع تم عرض فيديو مشين عن مشاهد بعض الوحدات والمستشفيات الصحية قام أحد كبار المسئولين بزيارتها.. والغريبة أن تلك الواقعة – التي بالتأكيد تجعل من المواطن فاقد الصلاحية صحياً بسبب الحالة المزرية للأبنية الصحية التي تم عرضها – الغريب أن تلك الواقعة قد تحولت لموقف كوميدي صالح للسخرية وإطلاق النكات.. وكأي موقف مخزي ومشين نقلبه إلى حالة كوميدية أو إلى مقطع فيديو ساخر يحصل على نسبة مشاهدة عالية..
والمواطن لا يزال مسكين، مسكين جداً.. لا يحصل على الخدمة والرعاية الجيدة إلا في حالة وجود حملة تفتيشية أو رقابة من خلال الرتب الرفيعة.. وكأننا قد انتهت صلاحيتنا كمواطنين نعمل بضمير وبإخلاص فيما نقدمه من عمل.. أياً كان نوع ذلك العمل.. ملخص القول أن مشكلتنا الأساسية تمكن في نمو الميل نحو التكاسل والتراخي في أداء الأعمال.. أي أعمال.. على المستوى الوظيفي والحكومي، على المستوى الفردي وتنمية الذات والمشاركة المجتمعية، على المستوى الأسري ونمط التنشئة الاجتماعية في غرس حب العمل (أي عمل.. أعمال منزلية أو مساعدة الأخوة أو الغير) في نفس الطفل.. تكليف الطفل ببعض المسئوليات لإنجازها ضمن جدول زمني معين قد ينمي داخله نوع من الشعور بالإلزام ببعض الواجبات التي يجب القيام بها حتى يكون عضو في المجتمع يحصل على حقوقه.. ومن خلال تكامل أعمالنا مع بعضنا الأخر نكون بذلك مواطنين صالحين – غير منتهين الصلاحية – للحياة حياة كريمة من صنع أيدينا..
====================
كاتبة المقال : الأستاذة الدكتورة نهلة أحمد درويش - دكتوراة في الآداب - علم الاجتماع .



هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك

URL: HTML link code: BB (forum) link code:

.

فيديو الوطن العربى

من قصيدة " شمس الهدى" للشاعر علاء الدين سعيد لقطة للشاعر/ علاء الدين سعيد ، خلال ثورة 25 يناير 2011 بكاميرا الشاعر/ علاء الدين سعيد ، فى ثورة 25 يناير 2011 مجموعة الفنانين - الوطن الاكبر
فيديو 5 فيديو 6 فيديو 7 فيديو 8
ضع كود الفيديو5 هنا ضع كود الفيديو6 هنا ضع كود الفيديو7 هنا ضع كود الفيديو8 هنا
فيديو 9 فيديو 10 فيديو 11 فيديو 12
ضع كود الفيديو13 هنا ضع كود الفيديو14 هنا ضع كود الفيديو15 هنا ضع كود الفيديو 16هنا
ضع كود الفيديو9 هنا ضع كود الفيديو10 هنا ضع كود الفيديو11 هنا ضع كود الفيديو 12هنا

أسرة الصحيفة و المنضمون اليها