الدكتور عادل عامر ، يكتب : مخاطر الدين العام علي مصر..
الدكتور عادل عامر ، يكتب : مخاطر الدين العام علي مصر..
الوطن العربى اليومية - القاهرة ..
الدين العام هو مصدر من مصادر الإيرادات العامة، تلجأ الدولة إليه لتمويل نفقاتها العامة عندما تعجز عن توفير إيرادات أخرى، ولا سيما من الضرائب، فتقترض إما من الأفراد أو من هيئات داخلية أو دولية أو من دول أجنبية، وبالتالي فإن الدين العام يشمل ديون الدولة وديون المؤسسات الخاصة من مصارف وشركات تأمين... يعتبر الدين العام مشكلة مزمنة في الاقتصاد المصري ، حيث لم يخرج مصر من كبوتها العالمية سوى أزمة الخليج الثانية التي كان لمصر فيها موقف سياسي ، وهو ما دفع مؤسسات التمويل الدولية للوصول إلى اتفاق لتسوية الديون الخارجية لمصر وإسقاط نسبة ٥٠ % منها، مع تطبيق مصر أجندة صندوق النقد الدولي أو ما عرف باسم برنامج الإصلاح الاقتصادي.
لكن في الوقت الذي تراجع فيه الدين العام الخارجي، كانت السياسات الاقتصادية بشكل عام، والمالية منها على وجه الخصوص، تساعد على تفاقم الدين العام المحلي، وأصبح حجم الدين العام المحلي وما يمثله من أعباء على الموازنة العامة لمصر أحد أسباب تخفيض التصنيف الائتماني لمصر لدى المؤسسات الدولية (حيث بلغ اجمالى الدين العام المحلى نحو ١٣٤٢.٢ مليار جنيه فى نهاية مارس ٢٠١٣ بنسبة ٧٧.٤ % من الناتج المحلى الاجمالى) وذلك بسبب تخطيه الحدود الامنه . حيث يعتبر المؤشر الرئيسي لقياس التغير في الدين العام هو نسبة الدين العام إلى الناتج المحلى الإجمالي، و المعايير الدولية تطالب بألا تزيد نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي على ٦٠ % ليكون في نطاق الحد الآمن. وبعد ثورة ٢٥ يناير لوحظ أن الحكومات الانتقالية عملت بنفس أدوات السياسة المالية تجاه قضية الدين، حيث تستسهل آلية الاقتراض، ولا تتخذ خطوات جادة لترشيد الإنفاق، أو تقديم برنامج واضح لتخفيض قيمة الدين ونسبته للناتج المحلي الإجمالي
والدين السيادي هو الدين المترتّب على الحكومات ذات السيادة، وهو يتّخذ في معظم الحالات شكل سندات، إما أن تطرحها الدولة بعملتها المحلية، وغالبًا ما تكون موجّهة نحو المستثمرين المحليين، أو أن تصدرها بعملة غير عملتها المحلية وعندها تكون موجهة للمستثمرين في الخارج. ارتفع إجمالي الدين العام المصري (داخلي وخارجي) ليبلغ 2.1 تريليون جنيه بنهاية مارس 2015 تعادل 93.8% من للناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 1.8 تريليون جنيه بنهاية الشهر ذاته من العام الماضي بنسبة 90.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
يأتي ذلك بينما انخفض الدين الخارجي ليبلغ 39.9 مليار دولار بنهاية مارس مقابل 45.3 مليار دولار بنهاية الشهر ذاته من عام 2014، بانخفاض قيمته 5.4 مليار جنيه، ليسجل الدين الخارجي نحو 13.1% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعتبر الدين الخارجي المصري منخفض نسبيًا على مستوى الدول الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث يبلغ مستوى الدين الخارجي بها 27%.من جهة أخرى، ارتفع الدين المحلي لأجهزة الموازنة ليبلغ 1.9 تريليون جنيه تعادل 86.1% من الناتج المحلي، مقابل 1.6 تريليون جنيه تعادل 80.3% من الناتج المحلي خلال الفترة المقارنة ذاتها. شكّل الديون السيادية أزمة عندما تفشل الحكومة في خدمة ديونها المقوّمة بالعملات الأجنبية لعدم قدرتها على تدبير العملات اللازمة لسداد الالتزامات المستحقة عليها، بموجب هذه الديون. لذلك تحرص معظم حكومات العالم على ألا تفشل في سداد التزاماتها نحو ديونها السيادية، بغية الحفاظ على تصنيفها الائتماني في سوق الاقتراض. فتوقّف الحكومة عن السداد، أو نشوء إشارات تشير إلى ذلك، يؤدي إلى فقدان المستثمرين في الأسواق الدولية الثقة بها وتجنّبهم الاشتراك في أي مناقصات لشراء سنداتها في المستقبل. وأكثر من ذلك فإن ردّة فعل المستثمرين لا تقتصر على أولئك الذين يحملون سندات الدولة، وإنما يمتدّ الذعر المالي أيضًا إلى باقي المستثمرين الأجانب في هذه الدولة، والذين لا يحملون هذه السندات. على سبيل المثال أدت أزمة الديون السيادية للأرجنتين العام 2001 إلى قيام المستثمرين الأجانب (الذين لا يحملون سندات الدين السيادي للدولة)، بسحب استثماراتهم من الأرجنتين، وبالتالي خرجت من البلاد كميات هائلة من النقد الأجنبي، ما ولّد نقصًا حادًا في كمية العملات الأجنبية لدى الدولة واستتبع أزمة عانتها العملة الأرجنتينية.
أما أسباب حصول أزمة ديون سيادية فتعود إلى إساءة الحكومة المدينة تقدير حجم العملات الأجنبية التي سترد إليها، أو إلى تعرّض البلاد لصدمة تحدّ من تدفق هذه العملات، بما يجعل حجمها أقلّ من اللازم للإيفاء بالالتزامات. الدين العام هو ما تقترضه الجهات العامة فى الدولة من الغير لتمويل أعمالها نظراً لعجز مواردها الذاتية عن الوفاء بما تتطلبه هذه الأعمال من نفقات، والدين العام ظاهرة عالمية مقبولة إلى حد معين ووفق ضوابط معينة، ولكن إذا زاد الدين عن هذا الحد وخرج عن هذه الضوابط فإنه يكون مشكلة بل قد يتفاقم الأمر إلى كونه أزمة تؤدى إلى آثار سيئة ومخاطر كبيرة على المال العام وعلى الاقتصاد القومي كله. ويمكن القول إن الدين العام فى مصر وصل إلى مرحلة الخطورة والأزمة، وهذا ما يظهر فى الدراسات العلمية التى تناولت الدين العام
إن الدين الخارجي بمفهومه الشامل وما يطلق عليه في اللغة الدارجة (ديون مصر) يعنى به أو يتمثل في الالتزامات القائمة (رصيد الدين) بالعملة الأجنبية على المقيمين تجاه غير المقيمين ويتم سداده أو تسويته بالعملة الأجنبية. ويعنى بالمقيمين: الأفراد أو الجهات المقيمة في مصر، وغير المقيمين: الأجانب مؤسسات أو حكومات أو أفراد. وهو بهذا التصور يتكون من القروض الثنائية الميسرة وغير الميسرة، والقروض من المؤسسات الدولية، والإقليمية، وتسهيلات الموردين، وصافى ودائع غير المقيمين في الجهاز المصرفي، كما أنه من حيث القطاع المدين يتكون من الديون الحكومية، وديون على السلطة النقدية (البنك المركزي) وديون على البنوك، وديون على القطاعات الأخرى ومنها القطاع الخاص، ولقد كان هذا الدين الخارجي (ديون مصر) في بداية التسعينات من القرن العشرين وصل إلى حوالي 55 مليار دولار تم تسوية جزء كبير منه عن طريق التسويات في نادي باريس بإعادة جدولتها وتخفيض 50% من صافى قيمتها، كما قامت دول الخليج بإسقاط بعض ديونها على مصر عقب اشتراكها في حرب الخليج عام 1991، وبالتالي وصل الدين الخارجي إلى حوالي 33 مليار دولار، وبدأت مصر في سداد ما عليها حتى وصل رصيد الدين الخارجي إلى أدنى مستوى له حوالي 26 مليار دولار في منتصف عام 2001/ 2002، ثم بدأ في التزايد نتيجة إصدار السندات الدولارية ليصل الآن (30/6/2003) إلى مبلغ 28.8 مليار دولار، وينقسم هذا الدين من حيث القطاعات المدينة إلى: دين على الحكومة: 18.6 مليار جنيه دين على البنك المركزي (السلطة النقدية) 0.97 مليار جنيه دين على البنوك 2.1 مليار جنيه دين على القطاعات الأخرى ومنها القطاع الخاص 7.3 مليار جنيه
وحسب ما سبق بيانه من مفهوم الدين العام فإن ما يخصه من الدين الخارجي هو الدين على الحكومة الذي يبلغ 18.6 مليار دولار. العجز في الموازنة العامة للدولة: وذلك ليس بتقليل النفقات وإنما بترشيدها والتوقف فوراً عن الإنفاق الترفى المتمثل بالدرجة الأولي في الإنفاق على السيارات الفاخرة وتغيير الأثاث والمفروشات في الوزارات والإعلانات الحكومية خاصة التي تدخل في نطاق النفاق الاجتماعي وإدارة المخزون الحكومي إدارة رشيدة، وتقليل إقامة الاحتفالات والإنفاق على السفريات والمؤتمرات، والأمر يطول جداً في هذا الصدد، ثم تنشيط تحصيل الإيرادات الحكومية خاصة من الضرائب المستحقة على أصحاب الدخول العالية والأثرياء. العجز في الهيئات العامة الاقتصادية التي خرجت عن طبيعتها في أنها يجب أن تمول أنشطتها من مواردها وتحقق فائضاً وهذا ما لم يحدث رغم أنها تمارس أنشطة يمارسها القطاع الخاص ويحقق عائداً مرتفعاً، فعلي سبيل المثال كيف يحقق اتحاد الإذاعة والتليفزيون عجزاً وهناك المئات من محطات الإذاعة والتليفزيون الخاصة التي تحقق أرباحاً ؟! ثم كيف تحقق هيئة السكك الحديدية عجزاً بلغ حوالي 1.9 مليار جنيه . وكذا هيئة النقل العام بالقاهرة رغم وجود شركات نقل قطاع خاص تعمل في نفس المجال تحقق فائضاً ؟ ! !. ومن الجدير بالذكر أن هذه الهيئات العامة الاقتصادية تبيع خدماتها للمواطنين بأسعار كبيرة تعادل أسعار السوق. هذا كله إلى جانب ترشيد إدارة الدين العام في جوانبه الأخرى التي سيقدم عنها بحثاً مستقلاً في هذه الندوة، ولذا نكتفي بهذا القدر .
كاتب المقال
الدكتور عادل عامر دكتور في القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية وخبير بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والإستراتيجية وعضو المجلس الرئاسي للشئون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية.
=======================
كاتب المقال :دكتور في الحقوق و خبير في القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code: