طواحين الهواء - بقلم : محمود السيد - مصر
طواحين الهواء - بقلم : محمود السيد - مصر
طواحين الهواء يتردد صداها في كل مكان , طنين وضجيج وآلام , والناس تعاني من تشابه الأيام .. تناسوا همومهم الشخصية وانشغلوا بالهم العام متطلعين إلي مستقبل لا تبدوا له ملامح في ظل انقطاع الكهرباء وغياب القمر وعلي ضوء الشموع تطلعوا إلى مستقبل أولادهم فى قلق وبيانات الحكومة عن ارتفاع الأسعار مازلت تقف حائلاً بينهم وبين تناول الطعام .. راحت الزوجة تعد طعام الغذاء لأولادها بينما الزوج يجلس فى حالة من الترقب المشوب بالحذر فالجو حار هكذا أعلنت الحكومة عن ارتفاع الاسعار وارتفاع حرارة الجو وأوضحت أن ارتفاع الاسعار يأتي لمصلحة المواطن محدود الدخل ولم توضح كيف !! أما ارتفاع الحرارة فأمر خارج عن حدود البشر وعن نطاق البوح فيه أسرار تتعلق بالغيب فهيئة الأرصاد لم تــألوا جهدا للذهاب إلي ما وراء الغيب والتفتيش بين أقطار السماوات والأرض والتنبؤ عن معدل الحرارة مرتفع كان ام منخفض , الهيئة لا تقرأ الكف ولا تضرب الودع وكله يصب في مصلحة المواطن محدود الدخل.. هكذا أخبر عنه الراسخون في العلم , أنه سيهبط مصر إنسان من فصيبلة نادرة أطلقوا عليها محدود الدخل ...مازال الزوج يحدق في سقف الحجرة ثم ينقل عينيه فى الأرجاء متحسساً أنفه باحثًا عن شىء ما .. فالوضع متأزم وزوجته لم تنته بعد من إعداد الطعام ... اقترب صوت المؤذن يعلن ان الصلاة خير من النوم والحياة خير من الموت فزاد انفعال الزوج وامتدت يده إلى جريدة اليوم السابع... ، استوقفه إعلان من الإعلانات المبوبة (مطلوب رئيس) فتوسم فى نفسه خيرا وهو يطالع : حسن المظهر / لا يكذب / متزوج .....................نظر الزوج إلي زوجته في حنق وراح يتابع : لا يميل إلى النساء / اجتماعى / يجيد لغتين على الأقل بالإضافة إلى لغة الرمش والحاجب / أن يرعى مصالح الشعب / ألا يفرط فى الأرض والعرض / حريص على العهود ويحمى الحدود / ألا يقل سنه عن 45 وألا يزيد عن 85 سنة / ملماً بالتاريخ وحكمته والجغرافيا والتضاريس ......عاود الزوج ينظر الي زوجته وانتابته حالة من الغثيان وراح يتابع : طويل القامة / أسمرانى اللون / يتيم الأبوين / مؤهل عالى مناسب / أن يكون من أبوين مصريين من طين هذه الأرض........صرخ عبد الرحيم فى زوجته وقد بدت عروقه نافرة : أرأيت يا سيدة !! كل الشروط منطبقة على .. بس يا خسارة ..أمى وأبى مازالا على قيد الحياة.. ..انطلق عبد الرحيم يصرخ وهو يدفع زوجته بكوعه متوجهاً نحو المطبخ واستل سكيناً وهرع إلى بيت أبيه وأمه تحدثه نفسه بالتخلص منهما فلم يبق من الوقت الكثير.. آخر موعد لتقديم الأوراق لم يتحدد بعد.
هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code: