حسين مرسى ، يكتب : مغلق لعدم وجود أخلاق !
حسين مرسى ، يكتب : مغلق لعدم وجود أخلاق !
الحالة الأخلاقية فى مصر أصبحت فى أسوأ وضع يمكن ان تصل إليه .. ولا يخفى على أحد أنه بعد ثورة يناير وفوضى الربيع العربي اجتاحت البلاد حالة من التردي الأخلاقي غير المسبوق ولا أعتقد أن الشعب المصري قد مر بمثل هذا التردي الأخلاقي من قبل..
ونتذكر جميعا كيف تحول غالبية الشارع المصري إلى الفوضى والبلطجة بمجرد أن شعر بسقوط الشرطة وأصبح الشارع يموج بحالة من البلطجة غير المسبوقة وغير المقبولة من كثير المصريين الذين لم يكن من المقبول أن يتحولوا إلى بلطجية هم أيضا كالآخرين
فجأة أصبح الجميع يمارس البلطجة على الآخر .. البلطجي فى الشارع وجدها فرصة لاتعوض ولن تأتيه مرة أخرى ليفرض نفوذه وسيطرته على الشارع والحصول على كل ما يمكن أن تصل إليه يده حتى أن البعض منهم كان يردد مقولة أننا إذا لم نحقق أى مكاسب فورية فلن نحققها بعد الآن .. وبالطبع كان المواطن الشريف والمحترم هو الضحية لمثل هذه النوعية من البلطجية
ولم يتوقف الحد عند بلطجة الشوارع وقطع الطرق وسرقة السيارات فتحول معظم الشارع إلى العنف بنوعيه اللفظي والجسدي حتى أن أى مناقشة بين اثنين يمكن أن تنتهي فى الغالب باشتباك بين الطرفين .. ناهيك عن العنف الجماعي فى تظاهرات ومسيرات واعتصامات والكل يطالب بحقوق وينسى الواجبات .. الكل يطلب العلاوات والمنح والأرباح في الوقت الذي يرفض فيه أن يمارس عمله الأصلي الذي يحصل مقابله على الأجر الأساسي
الشوارع أصبحت محتلة من الباعة الجائلين الذين أصبحوا هم أيضا طرفا فى معادلة البلطجة المقيتة فاحتلوا الشوارع وافترشوا الطرقات وقطعوها على المارة فلم يعد هناك رصيف للمشاة ولم يعد هناك مكان فى الشارع للسيارات أو المشاة فى الوقت الذي زادت فيه حدة البلطجة المرورية فأصبح السير عكس الاتجاه وفي الممنوع والانتظار على الكيف والتوقف بالسيارات فى أي مكان دون اعتبار للآخر سواء من المشاة أو راكبي السيارات أو السكان
وفي الوزارات والمصالح الحكومية التى كانت تعاني أصلا من الإهمال والفوضى قبل الثورة أصبح الوضع فى حالة يرثى لها .. أصبح الجميع يطالب بعزل الكبار حتى يحصل الصغار على فرصتهم حتى لو لم يكن لديهم أي خبرات فى مجال عملهم .. وصارت لغة الحوار بين الكبير والصغير هي لغة الرفض للكبير والسعي لإقصائه وعدم احترامه وبالتالي أصبح الكبار يعادون الشباب الذين يرفضونهم .. أو فى الغالب ينافقونهم خوفا من الهجوم عليهم
والخلاصة أن مصر أصبحت تعيش في أزمة أخلاقية مستمرة لم تنته منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن بل أصبحت الأزمة الأخلاقية في تزايد مستمر يوما بعد يوم وأصبح عدم الاحترام هو السائد فى الشارع المصري كما حدث فى كل دول الربيع العربي التى وقعت ضحية المؤامرة الكبرى للسيطرة على المنطقة لصالح مشروع الشرق الأوسط الكبير
وأذكر هنا الفيلم الرائع ( أرض النفاق ) للراحل فؤاد المهندس والذي كتب قصته فارس الرومانسية يوسف السباعي الذي أبدع فى وصف العديد من الشخصيات منها المنافق والبلطجي والصادق الذي لايكذب والوصولي والنفعي .. وعرض كل هذه النماذج من خلال شخصية واحدة تتحول بعد تعاطي حبوب معينة للشجاعة أو للأمانة أو للنفاق .. حتى تمكن فؤاد المهندس من سرقة حبوب الأخلاق من المحل ليمنحها للجميع عن طريق إلقائها فى النيل ليشربها الجميع .. لكن النتيجة لم تكن كما يتوقع فأصبح الناس جميعا من ذوي الأخلاق لفترة قصيرة ثم عادوا كما كانوا لحالتهم الأولى .. وهنا أغلق العطار محله وعلق عليه لافتة عبقرية كتب عليها عبارة " مغلق لعدم وجود أخلاق "
ويبدو أن هذه العبارة أصبحت هي الوصف الدقيق لحال المصريين الآن بعد أن ضاعت الأخلاق فى خضم الصراعات بين السياسيين والنخبة المدعية ومطالب الشارع على اختلاف فئاته .. ويبدو أننا وصلنا لمرحلة عدم وجود الأخلاق فعليا فى الشارع المصري .. ويبدو أيضا أننا سنعلق قريبا لافتة نكتب عليها " مغلق لعدم وجود أخلاق " لأننا سنعجز بطل تأكيد عن العثور على حبوب الأخلاق أو الفضيلة أو الأمانة .. ويبدو أيضا أن الحبوب المتوفرة الآن إلى جانب الترامادول هى حبوب النفاق والغش والخداع والوصولية والانتهازية .. إذن فلنصرخ جميعا ونقول " مغلق لعدم وجود أخلاق "
هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code: