حوار صحفي مع الأديب اللبنانى محمد إقبال حرب لمجلة الغاردينيا ، أجراه الأستاذ عبد الرضا الخياط ..
حوار صحفي مع الأديب اللبنانى محمد إقبال حرب لمجلة الغاردينيا ، أجراه الأستاذ عبد الرضا الخياط ..
الوطن العربى اليومية - القاهرة ..
س- صدرت لك رواية جديدة " هنا ترقد الغاوية " ما الذي تقدمة هذه الرواية إلى تجربتك الإبداعية ؟
رواية "هنا ترقد الغاوية" رحلة في عمق الألم الذي يعصف بالمرأة والاجحاف الذي سلبها حقها عبر العصور. هي غوص في كينونتها المنسية في وجدان الرجل. هناك وجدت نفسي كإنسان يستطيع أن يمد يده إلى الأنثى لا ليواسيها فقط بل ليفك قيود الظلم والاجحاف التي تراكمت على كيانها عبر العصور مطلقاً حريتها إلى عالم العطاء والإبداع.
أما ما قدمته الرواية لتجربتي فأترك الإجابة للنقاد والقراء.
س- ماذا عن التداخل بين الماضي والحاضر والمستقبل،في روايتك الأخيرة "هنا ترقد الغاوية"؟
سؤال جميل جداً. فالماضي هو اللبنة الأساسية لوجودنا، فيه تتكون معتقداتنا ومناقبنا ومنه نستقي سبل وجودنا فنحدد الخطأ والصواب بناء على ما أكتسبنا من ماضٍ بدأ يبرمج وجودنا مذ لحظة وجودنا. أما الحاضر والمستقبل فهما تبعات قرارات نتخذها بناء على شخصيتنا التي نحتها الماضي على جدران وجداننا مكوناً ما نحن عليه الآن. لذلك كان التداخل بين الأزمنة في الرواية إضاءات على ماضي الشخصيات ليدرك القارئ الدافع الرئيس وراء تصرفات وقرارات كل شخصية في الرواية من خلال تعرفه عليها بدقة.
س- ما المطلوب من الرواية أساسا ؟ تشخيص الواقع أم طرح الأسئلة ؟
شخصياً لا أعتقد بأننا نستطيع الزام أي كاتب بالتشخيص أو طرح الاسئلة فلكل رواية ظرفها وهدفها. ما دامت الرواية تحمل رسالة في بوتقة روائية متكاملة يدركها القارئ فلا ضير من اندماج عدة رؤى في آن. لذلك يمكن للرواية تشخيص الواقع وطرح الأسئلة في آن معاً. وأحياناً كثيرة تعمل على طرح حلول كما ورد في رواية هنا ترقد الغاوية.
س- تجلت المرأة في الكثير من أعمالك الشعرية والقصصية والرواية، فهل تراها المحرك الأساسي لما كتبت ؟
لا بد للمرأة أن تكون محركاً رئيسياً في حياة الرجل، فهي من أعطته من لدنها مذ بدء تكوينه، وأشبعته الحب والحنان في أحضانها أماً، ومن ثم كانت شريكة حياته فشاطرته البسمة ومسحت عن خده الدمعة ونذرت له حياتها بسخاء بحب وحنان فياضين.
المرأة هي ملهمتي الأزلية للحرية والعطاء كما الحب والجمال.
س- كيف ترى ازدياد كتاب الرواية في الفترة الأخيرة، بصورة لم نشهدها من قبل ؟
أستاذي الكريم، المسألة هي في الكيف وليس بالكم. فعلاً هناك زحام على إصدار الروايات وتسابق في نشر أكبر عدد من الروايات، لكن معظمها يفتقر إلى الجدية في البحث والتأني حتى النضوج قبل إصدارها علماً بأن هنالك مبدعين ساطعين تعتز الرواية العربية بتألقهم عربياً وعالمياً.
نفتقر إلى عدد كاف من النقاد المحترفين الذين تقع عليهم مسؤولية تقييم الأعمال بجدية مما يضع إطاراً أدبياً يسعى لتجاوزه من أراد التحليق مبدعاً.
س- ما القضية الرئيسية التي تسيطر على كتاباتك ؟
الإنسان بوجدانه وقلبه ومشاعره هو قضيتي الرئيسية. فأنا أبحث عن الحرية والعدالة في درب حقيقة مبهم بين آفات الطغيان وجدران التسلط. أتعثر بين آلام البشر ومجاعة الروح، أتوه بين قسوة البشر ورأفة الحيوان فأكتب واكتب علني أنير شمعة لباحث جديد عن كينونة الانسان قد يدخلنا بوابة الأمل.
س- ما الذي يدفعك إلى الكتابة ؟ وهل ثمة رسالة تسعى إلى إيصالها للقارئ ؟
ربما حب التعبير عن الفرح والألم، عن الحب والشقاء أو السفر عبر أفكاري إلى حيث أواكب أخي الانسان فأمسح عن عينيه دمعة أو أو أدثر بل أواكب أحلامه الباردة بدفء حنيني.
ما فائدة الكتابة إذا لم تهدف إلى رسالة؟ نعم لدي رسالة أستاذ عبد الرضا، رسالتي هي البحث عن حقيقة معاناتنا وأسبابها وليس في نتائجها والعمل تصحيح المسار من أجل بناء إنسان يتسم بالعلم والمناقبية كي يكون لبنة قوية في صلُب كيان هذه الأمة.
تكتب الرواية والشعر أيهما أقرب إليك؟ وكيف ترى المواجهة بينهما كجنس أدبي.
مع أن كلاهما تعبير عن كينونة الكاتب إلَّا أن القصيدة تتفجر فجأة من وجدان الشاعر كأنما هي وحي لا يفتأ أن يغيب بعد وهج لا يطول. لذلك فإن القصيدة تتجلى في أوقات وظروف لا يدركها إلا الكاتب. أما الرواية فهي رحلة طويلة من التفكير والمعاناة كما انها تستدعي البحث والمراجع لاتمامها على أكمل وجه. كذلك تعتبر القصيدة حرفاً يُكتب للخاصة أما الرواية فهدفها بشكل عام إيصال الرسالة إلى أكبر عدد من القراء لتفضي بمكنوناتها وتؤدي رسالتها. شخصياً أعشق صنع الشخصيات خاصة الرمزية في رواياتي.
لا أعتقد بأن هناك مواجهة بينهما فلكل منهما جمال ورونق وسحر خاص به. لربما تقصد كذلك مواجهتهما أمام القارئ. نظراً لتراجع مستوى الاهتمام الحكومي باللغة العربية وبلاغتها في عالمنا العربي فإن المستوى العام لإجادة اللغة بات مزرياً. لذلك ترى القارئ يتجه إلى الكتب السطحية ذات اللغة الضعيفة فيتوجه إلى الروايات التي تستخدم لغة بسيطة. لا أعني هنا الكتاب البارعين في إجادة السهل الممتنع.
تلعب المرأة دوراً حيوياً في حياة الكاتب، ماذا عن المرأة في حياتك؟
المرأة إلهام دائم في حياة الكاتب وامتداد لوجوده، ليس من الناحية الجمالية والعاطفية فحسب بل ناحية رؤيتها للأمور من بعد آخر. فكيان المرأة الممزوج بالعاطفة والحنان كما الغيرة والفراسة في أمور لا يدركها الرجل كونه من طبيعة فيزيائة مختلفة. كل ذلك مع عقل يوازي عقل الرجل مما يجعل من وجودها بحراً من واسعاً من العطاء يتمازج مع عالمه ليبدع بصورة متكاملة. وأجزم بأن هذه الحقيقة تنطبق على المرأة حين تكتب حيث تجد بأن كيان الرجل هو امتداد لوجودها.
المرأة في حياتي ركن أساسي كالماء والهواء والنور أحتاجها للبقاء حياً كما يجدر ببشر خُلق من ابداع
س- كيف تقيم الجوائز التي تمنح للرواية العربية ،وهل تخضع للمعاير النقدية والجمالية ؟
لا يمكنني الاجابة عن هذا السؤال فلا يوجد شفافية حول المعايير التي تعتمد. ولا أدري إن كانت هذه الجوائز تمنح حسب معايير معينة أم أن هنالك عوامل أخرى. حاولت استشفاف الأمر دون جدوى.
س- إلى اين تتجه الرواية العربية اليوم ؟
مع وجود زخم غير مسبوق في كتابة الرواية العربية فإنها بلا شك تستطيع الإبداع والتحليق عالمياً. لكن حتى تصل إلى تلك النقطة بصورة جماعية وليست فردية فإن كُتَّاب الرواية يحتاجون إلى من يتبناهم ويحتضن إنتاجهم بالرعاية الفكرية والمادية والإعلامية. وكما ذكرت سابقاً لا بد من أن تجند الصحافة عدد لا بأس به من النقاد ليكتبوا عن هذه الروايات سلباً أو إيجاباً. في البلاد التي تحترم الكاتب والكتاب يتهافت النقاد على النتاج الأدبي يستشفون منه كنوزاً. أما هنا فعلى الكاتب أن يتسول ناقداً ليقرأ له رواية أو ديواناً. لذلك قد لا نرى بريقاً للرواية العربية إلا تلك التي تعتمد على جهد فردي بشكل عام.
هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code: