الأستاذ حسين مرسى ، يكتب : الإضراب حق .. يراد به باطل !..
الوطن العربى اليومية - القاهرة ..
بدون مقدمات وباختصار شديد نقولها بكل صراحة .. هذا ما جنته مصر من ظاهرة الاعتصامات والتظاهر والإضرابات التي تجاوزت الحد وأصبحت خطرا يهدد مصر كما تهددها أخطار كثيرة خارجية وداخلية .. لم تجن مصر من وراء الاعتصامات والإضرابات سوى المزيد من الفوضى والخراب الذي حل على مصر بعد أن أصبحت ثقافة الاعتصام والإضراب هي التي تحكم علاقة أي موظف في أي مكان برئيسه أو بالدولة عموما
في مستشفى الإسكندرية الجامعي رفضت أطقم التمريض بالمستشفى القيام بدورها وواجبها في علاج المرضى لسبب تافه حتى وإن كان حقا ضائعا يسعى المضربون لتحقيقه .. أضرب طاقم التمريض عن العمل .. ولم تكن النتيجة مرضية بأي شكل من الأشكال .. النتيجة كانت موت شخصين أحدهما طفل صغير لم يكن يدري وهو يدخل المستشفي أن نهايته ستكون على أيدي ملائكة الرحمة .. لكن يبدو أن ملائكة الرحمة قد تحولوا في عصر التحول والإضرابات والاعتصامات فأصبحوا بعيدين كل البعدعن الرحمة !
مات اثنان بسبب رفض أطقم التمريض العمل .. والسبب هو خلاف على مكافآت وحوافز .. حياة إنسان كانت مقابل قليل من الجنيهات التي كان من الممكن المطالبة بها والحصول عليها دون أن يكون الثمن حياة إنسان .. نعم حياة إنسان في حالة مرض وضعف ووهن ولايملك من أمر نفسه شيئا .. حتى أصبح بين يدي ملائكة الرحمة معتقدا انه وصل للمكان الذي يطمئن فيه على حياته ليجد العكس هو الصحيح وأنه لم يعد الآن هناك ملائكة رحمة .. بل إنه لم تعد هناك رحمة من الأساس حتى يكون لها ملائكة ..
ثقافة الإضراب والحق في التظاهر والاعتصام التي يطالب بها بعض الحقوقيين والناشطين للأسف أصبحت ظاهرة سلبية في حياتنا بعد أن تحولت لورقة ضغط لكل من يريد أن يحرج مسئولا أو يطالب بحق مشروع أو غير مشروع
أصبحنا نعترض على كل كبيرة وصغيرة ونهدد بالاعتصام .. ونهدد بالإضراب عن العمل وتعطيل مصالح الناس في كل مكان .. وأصبح المواطن المطحون هو الذي يدفع الثمن .. العمال في مصانعهم يعلنون الإضراب فيتوقف العمل وتتحقق الخسائر .. فالمهم الحوافز والأرباح حتى لو كانت الخسائر هي الحقيقة الوحيدة الظاهرة ..الموظفون في الوزارت والمصالح يضربون عن العمل فيتوقف العمل .. وماله المهم الفلوس .. الأطباء من قبل أعلنوا اعتصامهم لتطبيق كادر الأطباء وكانت تحركهم طبيبة أصبحت فجأة من رواد الاعتصامات والإضرابات وحصلت على لقب ناشطة سياسية وكأن النشطاء لايعملون إلا في اتجاه واحد هو تخريب الدولة وتعطيل العمل .. وكتبنا ساعتها وطالبنا الأطباء بعدم الانسياق خلف دعوات هدامة هدفها الدولة وإسقاطها فليس من المقبول أن يضرب الأطباء عن العمل ليموت المرضى بآلامهم
والآن تضرب الممرضات عن العمل للحصول على جنيهات قليلة بل يتم منع العمل في قسم الطوارئ ومنع المرضى من الوصول للقسم فتكون النتيجة وفاة مرضى لا ذنب لهم إلا انهم توجهوا لمستشفي حكومى لأنهم لايملكون رفاهية العلاج في مستشفى استثماري
إن أطقم التمريض التي امتنعت عن العمل في ظل ظروف صعبة تعيشها الدولة أمر مرفوض .. وحتى لو لم تكن هناك أزمات فإضراب الأطباء والممرضين والممرضات أمر مرفوض نهائيا .. فليس من المفروض أن يتوجه مريض يتألم لأي مستشفى على أمل تلقى العلاج فتكون النتيجة عودته لبيته جثة هامدة لمجرد أنه أعطى الأمان لأناس ليسوا اهل ثقة ولا محل أمانة
أناس منحناهم لقب ملائكة الرحمة فلم يراعوا حق هذا اللقب ولا حق المهنة المقدسة التي يمارسونها وتاجروا بآلام الفقراء والبسطاء والمرضى ليحصلوا على جنيهات معدودة لن تسمن ولن تغني من جوع
إن هؤلاء البلطجية الذين تسببوافي وفاة مرضى أبرياء يجب محاكمتهم جنائيا على جريمتهم وليس مجرد تحقيق داخلي أو جزاء إداري فقط .. ويجب أن يعرف هؤلاء أن مهنتي الطب والتمريض هي من أشرف المهن التي يمكن أن يمارسها إنسان ولايجب أن تكون محل نشاطات مشبوهة أو دعوات سياسية من البعض بغرض إحراج الدولة لتنفيذ مطالب سياسية أو مالية
وأخيرا .. فإن الاعتصامات والإضرابات ليس وقتها الآن ولا محل لها من الإعراب في وقت تتعرض فيه مصر لمؤامرات خارجية تهدف لتدميرها بمعاونة طابور خامس في الداخل مازال يعمل ويتحرك بكل حرية لهدم الدولة .. فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .
هذا الموضوع قابل للنسخ .. يمكنك نسخ أى رابط من تلك الروابط الثلاثة ولصقه بصفحاتك على المواقع الإجتماعية أو بموقعك
URL: HTML link code: BB (forum) link code: